المقاومة الثقافية
د. نسيب حطيط
بعد معركة "طوفان الأقصى "ومعركة "الإسناد" من لبنان، بدأ الهجوم الأميركيالإسرائيلي الشامل على المنطقة وبدأت "عشرية" تصفية القضية الفلسطينية وحركات المقاومة وإسقاط الأنظمة المقاومة، فسقطت سوريا ونَجت إيران من المحاولة الأولى، بإنتظار نجاح المحاولة الثانية من الداخل او الخارج او كليهما!
بدأت إسرائيل تنفيذها مشروعها التاريخي في لبنان بعد وقف اطلاق النار، فبادرت ولأول مرة في تاريخ اجتياحاتها السابقة، بتدمير القرى دون إحتلالها، لإقامة شريط أمني عازل، خالٍ من السكان"الشيعة" والبيوت والعمران و حتى من الجيش اللبناني، إلا بإذن، حتى لا تعيد تجربتها السابقة، بإجتياح عام1978، عندما أقامت الشريط الأمني، بإحتلالها المباشر وتاسيس جيش "لحد" العميل، فتكبّدت خسائر عسكرية فادحة وهزيمة معنوية لأول مره في تاريخها، واضطرت بفعل المقاومة للإنسحاب دون قيد او شرط!
استغلت إسرائيل وقف النار الآحادي، فدمّرت القرى، لتأخير عودة للسكان لمده خمس سنوات على الأقل منع تمويل الإعمار ومنع إعادة البناء لإنجاز مشروع "إسرائيل الكبرى"، وكل "تهجير مؤقت" في المنطقة، يصبح دائماً بعد تجربة اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.
لأول مرة يتعرّض "الشيعة اللبنانيون" الى تهجيرٍ مخطّط ودائم، غير مؤقت وهم الذين عانوا التهجير المتكرّر طوال 70 عاماً لكنهم كانوا يعودون في اليوم التالي الى بيوتهم بعد انتهاء الحرب، أما هذه المرة، وبعد تدمير قراهم ومنعهم من تثبيت حتى غرفة جاهزة وربما سيمنعهم الإحتلال من دفن موتاهم بعد جرفه للمقابر فإن هذا التهجير الذي يطال أكثر من 20 قرية، يتجاوز عدد سكانها ال 100,000 شيعي مع بقاء سكان القرى غير الشيعية وتدمير اكثر من 20,000 وحدة سكنية ومؤسسة صناعية وتجارية، يُنذر بالخطر الكبير على "الوجود الشيعي" خصوصاً جنوبي الليطاني وفق خطة "بشارة الخوري ، وإذا نجح المخطّط الإسرائيلي بمرحلته الأولى، بتثبيت المنطقة المحروقة والمهجّرة، مع تثبيت قواعد الإشتباك القائمة على حرية العدو بالإغتيال والقصف دون رد مقاوم بالتلازم مع حصار السلطة السياسية للمقاومة من الخلف، فستبادر إسرائيل، لتنفيذ الخطوة الثانية، بقضم ما تبقى من قرى "جنوبي الليطاني"، بعمق لايقل عن 7كلم خالية من السكان وستسمح إسرائيل "للبوليس الدولي" بالبقاء،لحماية أمنها وللجيش اللبناني إذا نفّذ مطالبها وشروطها، لتنجو من عمليات المقاومة داخل لبنان وربط الشريط الأمني العازل في لبنان بالشريط الأمني في جنوب سوريا الذي يمتد من الناقورة غرباً حتى درعا شمالاً وقد مهّد "أحد السياسيين اللبنانيين" لهذا الشريط، بالتنازل عن "مزارع شبعا" بالإضافة، للخطر الكبير الذي يتهدّد مدينه "الخيام" التي لا زالت العائق الجغرافي المقاوم الذي يمنع ربط المنطقتين العازلتين اللبنانية والسورية.
اذا لم يرتق الرد اللبناني الرسمي والمقاوم الى مستوى الخطر ومواجهة التهديدات وعدم الإكتفاء بالبيانات والإستنكار، فإن خطر ضم "جنوب الليطاني" الى إسرائيل سيكون "أمراً واقعاً وقائماً"، بشكل متسارع وعلى السلطة السياسية الرد على هذا التهديد، بالتراجع عن قرار نزع السلاح وعلى المقاومة، البدء بالرد ومواجهة العدو، وفق حرب العصابات، والعمليات المتفرقة، كما بدأت بعد إجتياح 1982 والتخلي مؤقتاً عن منظومة "الحرب الكلاسيكية" بالمواقع الثابتة والصواريخ، بسبب الظروف القاهرة وعدم توازن القوى، بعدما تحوّل أغلب اللبنانيين ضد المقاومة وتطوّع الكثير من الخصوم والحلفاء السابقين الى خصوم وأعداء ومخبرين وتحوّلت السلطة الى سلطة حصار وتشريع، لضرب المقاومة وفتح الأبواب، للتدخل الأجنبيبحجة العجز عن التنفيذ مما يوجب التصدي لها وإسقاطها ان لم تتراجع، بالمقاومة الشعبية المدنية ومقاطتعها، لأن البقاء في هذه الحكومة تشريعٌ لقراراتها وإعطائها الشرعية الكاملة حتى لو تم الانسحاب "بالمفرّق" من بعض الجلسات!
إذا كانت بعض الظروف تتحكّم بقرارات "الثنائية" ويُجبرها على الصبر أو التنازلات أو التأخر، بالرد حتى السياسي، فعلى الأهالي المهجّرين، اللاجئين في وطنهم:
- البدء بالتحركات الشعبية والقانونية، لتحرير القرى.
- عدم بيع ممتلكاتهم، مهما كانت الأسعار غالية "وسيبدأ تكليف بعض اللبنانيين".
- الإستمرار بدفن موتاهم في القرى وإعادة ترميم المقابر والمساجد.
- الزيارة الأسبوعية، للقرى وشراء الخيام النقالة للتقليل من الخسائر في حال قصفها وتدميرها وزراعة الأشجار، خاصة الشجر سريع النمو.
- عدم المشاركة في الإنتخابات النيابية، اذا كانت مراكز الإقتراع خارج القرى المدمّرة، وإلا فإنكم ستقترعون على تهجيركم وعدم العودة!
- المطالبة بإقرار تعويضات شهرية وإعفاءات من الضرائب والتعليم والطبابة طوال فترة التهجير.
إن مسؤولية تحرير القرى، يتحملها كل الشيعة وكل الوطنيين وليست مسؤولية أهلها المنكوبين والمهجّرين الذين خسروا أمنهم وأرزاقهم وعلى كل من يستطيع ان يتضامن معهم بالكلمة وبالتظاهر وبالقانون وحتى ... بالرصاصة!
لا تتأخروا قبل فوات الأوان... ولو إحتاج تحرير القرى ل 20 عاماً قادمة... سننتصر بإذن الله سبحانه...